"قادر" ترحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية: تأكيد أممي بتحقق أربع صور من الإبادة الجماعية في قطاع غزة

ترحب مؤسسة قادر للتنمية المجتمعية بالتقرير الصادر عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة (COI)، برئاسة السيدة نافي بيلاي، التي شغلت سابقاً منصب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، وقاضية في المحكمة الجنائية الدولية، ورئيسة المحكمة الجنائية الدولية لرواندا. وقد خلص التقرير إلى أن أربعاً من أصل خمس صور للإبادة الجماعية قد تحققت في قطاع غزة، وذلك استناداً إلى المادة (2) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وما يقابلها في المادة (6) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهي:
- قتل أعضاء من الجماعة (الفلسطينيين).
- إلحاق أذى جسدي أو عقلي خطير بأعضاء من الجماعة.
- إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يُراد بها إهلاكهم الفعلي كلياً أو جزئياً.
- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
ويأتي هذا التقرير الأممي منسجماً تماماً مع التحليلات القانونية والتقارير الشاملة التي نشرتها "قادر" منذ نيسان/ أبريل 2024 بشأن العدوان على غزة، بما في ذلك التكييفات القانونية على مستوى القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، وأثر ذلك على الفئات الأكثر ضعفاً، ولا سيما الأشخاص ذوي الإعاقة في الأرض الفلسطينية المحتلة.
توصيات اللجنة الأممية
أكدت لجنة التحقيق الدولية في تقريرها على التوصيات الجوهرية الآتية:
- حث حكومة إسرائيل على الامتثال الفوري لالتزاماتها القانونية الدولية، بما في ذلك "إنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة"، والتنفيذ الكامل لأوامر التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية.
- التشديد على ضرورة أن تُنهي إسرائيل سياسة التجويع، وأن ترفع الحصار عن قطاع غزة، وأن تُسهّل وتضمن وصول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع وبلا عراقيل، وأن تسمح بدخول جميع موظفي الأمم المتحدة بدون عقبات، بما في ذلك موظفو الأونروا ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وسائر الوكالات الإنسانية الدولية.
- الدعوة إلى الوقف الفوري لأنشطة ما يُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية".
- توصية جميع الدول الأعضاء بوقف نقل الأسلحة والمعدات الأخرى التي قد تُستخدم في ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية أو التحريض على ارتكابها إلى إسرائيل، وضمان عدم تورط الأفراد والشركات ضمن ولاياتها القضائية في المساعدة على ارتكاب الجريمة أو التحريض عليها، مع اتخاذ إجراءات المساءلة عبر التحقيقات والإجراءات القانونية.
مسؤولية التنفيذ الفوري والشامل
ترى مؤسسة قادر أن مسؤولية التنفيذ الفوري، ودون إبطاء، وعلى منهج شمول الإعاقة، لتوصيات لجنة التحقيق الدولية الدائمة والمستقلة المكلفة بالتحقيق في الانتهاكات في الأرض الفلسطينية المحتلة، تقع على عاتق سلطات الاحتلال الإسرائيلي، والأطراف الثالثة المتعاقدة (المُمَثلة في جميع دول العالم)، والأمين العام للأمم المتحدة، وأجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها، والمنظمات الدولية، وذلك بموجب أحكام القانون الدولي، والتدابير الصادرة عن محكمة العدل الدولية في الدعوى المقامة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية استناداً إلى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
كما وتشدد "قادر" على أن الواجب المباشر يتمثل في بلورة "خارطة طريق" عاجلة لتجسيد الفتوى التاريخية الصادرة عن محكمة العدل الدولية (ICJ) بتاريخ 19 تموز/يوليو 2024 بشأن عدم شرعية الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة والآثار المترتبة على ذلك، وكذلك القرار التاريخي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 18 أيلول/سبتمبر 2024 (A/RES/ES-10/24)؛ الذي أكد عدم قانونية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة وألزم بإنهاء احتلالها غير القانوني خلال (12) شهراً من تاريخ صدور هذا القرار، وهي المهلة التي انتهت اليوم.
وتُذكّر "قادر" بأن الآليات الملزمة الواردة في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تشمل وجوب امتناع جميع الدول عن إقامة أية علاقات دبلوماسية أو عسكرية أو اقتصادية أو تجارية أو استثمارية أو قانونية تُكرّس وجود الاحتلال غير الشرعي، وإنشاء آلية دولية للتعويض عن جميع الأضرار والخسائر الناجمة عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وتأسيس سجل دولي للأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني من جراء الاحتلال، ووضع حد لثقافة الإفلات من العقاب، وإنشاء آلية متابعة لتفكيك نظام الأبارتهايد في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتقديم الأمين العام تقارير دورية إلى مجلس الأمن بشأن تنفيذ أحكام القرار وأية انتهاكات له، بما يضمن تمكين الشعب الفلسطيني من حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
وتؤكد "قادر" أن المجتمع الدولي أمام اختبار حقوقي وأخلاقي غير مسبوق، إذ إن التقاعس عن تنفيذ هذه التوصيات والقرارات الأممية يعني التواطؤ مع جريمة الإبادة الجماعية، ويُكرّس ثقافة الإفلات من العقاب. ومن هنا فإن مسؤولية الدول والمنظمات الدولية لم تعد خياراً سياسياً، بل التزاماً قانونياً وأخلاقياً لحماية الشعب الفلسطيني وضمان حقوقه غير القابلة للتصرف.
تجدر الإشارة إلى أن لجنة التحقيق الدولية الدائمة والمستقلة أُنشئت بقرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 27 أيار/مايو 2021 (A/HRC/RES/S-30/1)، للتحقيق في الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفي إسرائيل، سواء التي وقعت قبل 13 نيسان/أبريل 2021 أو بعده، وكذلك في الأسباب الجذرية الكامنة وراء استمرار الصراع، بما في ذلك التمييز والقمع الممنهجين على أساس الهوية الوطنية أو الإثنية أو العرقية أو الدينية.
إن مؤسسة قادر، وإذ تُرحب بهذا التقرير الأممي، فإنها تؤكد أن التنفيذ الفعلي للتوصيات، استناداً إلى المرجعيات الدولية الملزمة، هو السبيل الوحيد لإنهاء جريمة الإبادة الجماعية، ومحاسبة مُرتكبيها أمام العدالة الدولية، وضمان الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها الحق في الحياة والحرية والكرامة الإنسانية وتقرير المصير، وعلى منهج شمول الإعاقة. وتشدد "قادر" على أن استمرار سياسة ازدواجية المعايير يُقوّض منظومة القانون الدولي برمتها، وأن الوقف الفوري للعدوان على قطاع غزة وكامل الأرض الفلسطينية المحتلة، ورفع الحصار، وإنهاء الاحتلال، وضمان عدم الإفلات من العقاب يُشكّل التزاماً قانونياً وأخلاقياً على المجتمع الدولي للحفاظ على مصداقية العدالة الدولية وحماية الإنسانية جمعاء.